صُمِّم مشروع «البستان» بوصفه تفسيرًا معاصرًا لعمارة الأفنية النجدية، وهو مشروع مخطط عام من تصميم لاحِم، يقع على حافة وادٍ قرب الرياض في منطقة القصيم بالمملكة العربية السعودية. كان الموقع في السابق تجمعًا زراعيًا متواضعًا ظل خامدًا لسنوات، تتراجع مدرجاته الطبيعية وجدرانه الحجرية وأحزمة النخيل تدريجيًا في المشهد. تتمثل طموحات «البستان» في إعادة إحياء هذا النسيج الثقافي، وتحويله إلى وجهة عامة نابضة بالحياة تحتفي بتراث وسط السعودية، وتفتح في الوقت نفسه آفاقًا اجتماعية وبيئية واقتصادية جديدة للمستقبل.
 

انطلق المشروع بقيادة فريق تصميم لاحِم من دراسة عميقة للمنطق الفراغي لتشكل البلدات النجدية. ونتج عن ذلك مخطط عام يقدّم محورًا رئيسيًا للمشاة يستحضر قلب التجمعات التاريخية، يرتكز حوله تسلسل من الفراغات المعاد تفعيلها والتدخلات الجديدة، مثل الأفنية المفتوحة، والأجنحة الثقافية، والحدائق المظللة، والمرافق المجتمعية. تستلهم اللغة المعمارية إيقاعات الحِرَف المحلية الهندسية ومادية الطين والحجر، وتعيد تفسيرها عبر أشكال معاصرة وتقنيات إنشاء منخفضة الأثر.

​

وانسجامًا مع طبوغرافية الموقع ومناخه الدقيق، أعادت لاحِم تأهيل المدرجات الزراعية الأصلية لدعم الغطاء النباتي المحلي ودمج استراتيجيات التبريد السلبي. تربط شبكة من الممرات المتدرجة والمسارات المظللة بين مختلف المناطق، بينما تندمج فضاءات التجمع الجديدة – مثل المجالس، والفصول الخارجية، والمقاهي، والشرفات – مع تضاريس الموقع لتوفر لحظات للراحة والتفاعل والاكتشاف.

​

أُعيد تعريف حركة التنقل في كامل الموقع من خلال تسلسل طبقي للمسارات ينتهي عند شرفة الإطلالة على حافة الجرف؛ ذلك العتبة المكانية التي تتراجع عندها الكتلة المبنية ليُكشف الوادي بكامل امتداده. وبهدف تعزيز الاستمرارية بين الماضي والحاضر، يجسّد «البستان» التزام لاحِم بالابتكار المتجذّر ثقافيًا، مقدّمًا مكانًا تتقاطع فيه مفردات التراث والمجتمع والطبيعة.